لكنهم لووا أعناقهم قائلين: (يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (٥٣) .
ويرمونه بالسوء من بعض أصنامهم، فيبرأ منهم، ويُشهد الله ويُشهدهم
على براءته من شركهم.
ثم يغريهم على أن يكيدوه مجتمعين إن استطاعوا هم وآلهتهم، وليفاجئوه
بهذا الكيد دون أن ينظروه.
وبيَّن لهم أنه توكل على الله ربه وربهم، الذي هو آخذ بناصية كل دابة.
ربٌّ له الغلب وجنده هم المنصورون. وصراطه هو المستقيم.
وبيَّن لهم - كذلك - أنه قد أبلغهم رسالة ربه فإن أعرضوا أهلكهم الله وبدَّل غيرهم ولا يضروه شيئاً.
[* نجاة وهلاك المخالفين:]
وتنتهى القصة بأن الله نجى هوداً والمؤمنين معه. نجاهم من عذاب غليظ.
وهلكت عاد. فلم يستطيعوا أن يدفعوا الشر عن أنفسهم، ولم تستطع
آلهتهم أن ينصروهم.
نصره الله ونجاه ومَن آمن معه. لأنه قادر عظيم آخذ بناصية كل شيء.
وخذلتهم آلهتهم لأنها عاجزة حقيرة تتأثر بعوامل الدهر، ولا تؤثر فى
شيء، وهذا هو موضع العبرة في كلمات قصار، فليتدبرها مشركو مكة
والملحدون في كل زمان ومكان: (أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ (٦٠) .
فى الأمثلة السابقة جميعاً يجرد القرآن الأصنام من كل صفات القوة والتأثير،
ويضعها في مكانها الحقيقي من عالم الجمادات، فهى لا تنفع عابداً لها