وقوله تعالى: (أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ) . . أي فضرب
فانفلق. .
وهكذا. . فأنت ترى أن ما سموه من الحذف بالاختزال شامل لجميع الأقسام
على ما بيَّناه فليس له من نصيب إلا التسمية.
*
[* والخلاصة:]
صاحبنا القرآن الحكيم في هذا الفصل في بعض مواطن الحذف فيه.
والذى يدعوه البلاغيون: " أحد مظاهر الإيجاز ":
وهو أن يكون المعنى المفهوم من اللفظ أكثر من الألفاظ التي استُعملت فيه. وهذه فضيلة واحدة عامة من فضائل الحذف في القرآن - أعنى الإيجاز المذكور - وليس الحذف القرآني
ينتهى عند هذه الفضيلة المسماة بالإيجاز. بل له فضائل بيانية أخرى تكاد
تتعدد بتعدد مواضع وروده.
وخصائص الحذف القرآني - فيما أرى - يمكن
تلخيصها في الآتى:
[* خصائص الحذف القرآني:]
أولاً: سلامته من الإجحاف بالمعنى والخلل في الأسلوب فكل حذف فيه
يحكمه أمران:
(أ) دليل قوى يعين على تصوره وقد يعينه تعييناً أحياناً. وكل منهما -
أى التصور والتعيين - بليغ في موضعه.
ففى قوله تعالى حكاية عن يعقوب عليه السلام: (فَصَبْرٌ جَميلٌ)
يحصل تصور المحذوف دون تعيينه.
فيجوز أن يقدر التركيب علىَ هذا الوجه: فأمري صبر جميل، ويجوز أن يكون: فصبر جميل أمثل، وفي هذا تكثير للفائدة.
وفي قوله تعالى: (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ) .
يمكن تعيين المحذوف، والتقدير لا محالة: فضرب فانفجرت.