وتعالى أراد اقتصاص هذه القصة بأوجز لفظ وأبلغه فجاء بها كما ترى مرتبة
الألفاظ والجمل حسبما وقع ".
فمن هذا النص تعلم أن ابن أبى الإصبع قد سلك الآية في موضعها اللائق
بها من البلاغة والإيجاز وحسن النسق.
ويعدها مباشرة يقول: " فإن قيل لفظة: " القوم " زائدة تمنع الآية من أن
توصف بالمساواة لأنها إذا طرحت استقل الكلام بدونها بحيث يقال:
" وقيل بعداً للظالمين ". قلت: لا يستغني الكلام عنها ".
ثم أخذ في بيان أصالة لفظة " القوم " في موضعها هنا فوُفقَ أيما توفيق.
والذي نأخذه عليه اضطرابه في نسبة الآية إلى المساواة مرة، والإيجاز مرة
أخرى، وكونها من الإيجاز أمر لا يحتاج إلى دليل.
ثم أخذ يبرر هذا الخلط والاضطراب فقال:
" واعلم أن البلاغة قسمان - كما قيل - البلاغة إيجاز من غير اختلال وإطناب من غير إملال.
والمساواة معتبرة فى القسمين معاً ".
[* والسؤال الآن:]
كيف تكون المساواة معتبرة من قسمى الإيجاز والإطناب. .
وعلى أي أساس يمكن فهم هذا التقسيم وبين الأقسام الثلاثة حواجز وضوابط لا تسمح بالتداخل بينها؟
إن في ما يقول ابن أبى الإصبع خروجاً عن إجماع العلماء.
ثم تورط أكثر وأكثر عندما راح يطبق فكرته الغريبة هذه على نصوص القرآن.
وهذا يظهر مما يأتي:
قال. " فما جاء من قسم الإيجاز وهو موصوف بالمساواة! قوله تعالى:
(وَلكُمْ فِى القِصَاصِ حَيَاةٌ) .
فإن معنى هذه الجملة جاء في قوله