للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: (جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (٢٥) .

هذان موضعان متماثلان تمام التماثل. وقد خولف بينهما. فجاء التعبير فى

آية آل عمران بعطف (الزُّبُرِ) و (الْكِتَابِ الْمُنِيرِ) على (الْبَيِّنَاتِ)

محذوفاً منهما حرف الجر " الباء " الداخلَة علىَ المَعطوف عليه.

وهذا حسَن وفصيح.

ثم جاء التعبير في آية فاطر مذكوراً فيه حرف الجر " الباء " في المعطوفين:

(بِالزُّبُرِ) و (وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ) .

* توجيهي للمسَألةَ:

ولم أر توجيهاً لأحد في هذا. . . ولذلك فإنى أوجهه - فيما أرى - على

النحو الآتى:

أولاً: إن ذكر الحرف في المواضع الثلاثة - المعطوف عليه، والمعطوفين -

جاء في سورة " فاطر " وهي مكية النزول. فهى إذن أسبق وجوداً بين الناس

بهذا الاعتبار فهى مؤسسة للمعنى الوارد فيها بخلاف ما في " آل عمران "،

لأن " آل عمران " مدنية النزول.

ثانياً: إن القوم في مكة يختلف حالهم عن القوم في المدينة من حيث

الاستجابة إلى الدعوة والإسراع إلى الإيمان.

فأهل مكة أهل عناد وتحد، وأهل المدينة أهل إسلام وطاعه.

ثالثاً: هذان الاعتباران يفيدان أن المقام في مكة كان يقتضي التأكيد فى

المعاني لتقريرها ورسوخها لتتناسب مع حالة الإنكار التي كانوا عليها.

وعلى هذا جاء التعبير في " فاطر " المكية. لأن تكرار حرف الجر في المواضع الثلاثة يشعر بتكرار التعلق، فكأنه قال: جاءوا بالبينات. وجاءوا بالزير. وجاءوا بالكتاب المنير.

<<  <  ج: ص:  >  >>