(وَمِنَ الئاسِ) - أي وبعض الناس. وهذا الفريق يعبد الله ما دامت
فضائله كثيرة عنده يرفل فيها صباح مساء.
صحة ومال وولد. فإذا تبدلت هذه النِعَم وابتلاه الله بشيء من الخوف والجوع ونقص في الأموال والأنفس والثمرات
تبدل إيمانه كفراً، وطاعته معصية، وأخذ ينعى حظه في الحياة.
قال العلامة أبو السعود: " روى أنها نزلت في أعاريب قدموا المدينة،
وكان أحدهم إذا صح بدنه، وأنتجت فرسه مُهراً سوياً، وولدت امرأته ولداً
سوياً، وكثر ماله وماشيته قال: ما أصبتُ منذ دخلتُ في دينى هذا إلا خيراً،
واطمأن. وإن كان الأمر بخلافه قال: ما أصبتُ إلا شراً، وانقلب ".
والمعنى أن هذا الفريق يعبد الله على ظاهر من الإيمان لم يتمكن الإيمان من
قلبه. . .
وفي التعبير ب " الحرف " دقة بالغة في تصوير الحالة النفسية لمن كان
شأنه هكذا، والحرف لغة: الطرف، وهو حافة الشيء.
والواقف عليه لا يقر له قرار:
" إن الخيال ليكاد يجسم هذا " الحرف " الذي يعبد الله عليه هذا
البعض من الناس، وإنه ليكاد يتخيل الاضطراب الحسي في وقفتهم وهم
يتأرجحون بين الثبات والانقلاب، وإن هذه الصورة لترسم حالة التزعزع بأوضح مما يؤديه وصف بالتزعزع، لأنها تنطبع في الحس وتتصل منه بالنفس ".
*
[* صورة أدبية موحية:]
هذا موطن جمال وتشخيص في هذه الآية الكريمة. . .
وهناك صورة أدبية موحية بينها وبين هذه الصورة " حرف " اتساق وتلاؤم. وهي: (انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ) .