قال: ومن غامض هذا الموضع قوله تعالى:
(وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا) .
والتقدير: " فإذا أبصار الذين كفروا شاخصة".
ويفيد التقديم - عنده - أمرين:
الأول: تخصيص الأبصار بالشخوص دون غيرها.
الثاني: أراد أن الشخوص خاص بهم دون غيرهم. دل على ذلك بتقديم
الضمير أولاً. ثم بصاحبه ثانياً. كأنه قال: فإذا هم شاخصون دون غيرهم.
ولو لم يرد هذين الأمرين لقال: فإذا أبصار الذين كفروا شاخصة.
والذي أراه في هذه العبارة - بعد موافقة ابن الاثير على إفادة التعبير
الأمرين - أن إفادة اختصاصهم بهذه الحالة، مستفاد من اختصاص شخوص
الأبصار بدلالة الالتزام فليس في التعبير قصر اصطلاحي يفيد الأمرين معاً
وتفسير ابن الأثير يفيد هذا المعنى.
* *
[* تقديم الظرف:]
أما تقديم الظرف عند ابن الأثير، وهو يشمل الظرف الاصطلاحي والجار
والمجرور، فيكون على الوجوه الآتية:
١ - إذا كان مقصوداً به الإثبات فالتقديم فيه أولى من التأخير وهو - فى
هذه الحالة - يفيد القصر. ومثل له بقوله تعالى: (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (٢٦) .