وبقوله أيضاً: (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ)
والتقديم في هذه الصورة مفيد للقصر، لكنه غفل عن موضع وهو " لله "
حيث قدم الجار والمجرور على الفاعل: (مَا في السماوات وَمَا في الأرْض) .
فلم يشر إليه وقصر ملاحظته على: (لهُ الملكُ وَلهُ الحَمدُ) .
ويحمل ابن الأثير مواضع كثيرة وردت في القرآن الكريم وقدم فيها الظرف
فهى مفيدة للاختصاص حتى على حسب ما قرره هو هنا. لكنه يحملها على
الحُسن اللفظي وهذه الفكرة تستبد به كثيراً قال: وقد استُخدم تقديم الظرف فى القرآن كثيراً كقوله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣) .
أى تنظر إلى ربها دون غيره.
فتقديم الظرف هنا ليس للاختصاص. وإنما هو كالذي أشرتُ إليه في تقديم
المفعول. وأنه لم يُقدم للاختصاص وإنما قُدم من أجل نظم الكلام.
وأنت ترى أن ابن الأثير يناقض نفسه في هذا الكلام حيث ينفى عن هذه
الأمثلة إفادة الاختصاص. ثم يعود فيفسرها تفسيراً قصرياً.
ألم يقل في قوله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣) .
أي: تنظر إلى ربها دون غيره؟.
ومن المواضع التي يرى أنها لا تفيد الاختصاص. بل هي لمراعاة نظم الكلام
النصوص القرآنية الآتية:
قوله تعالى: (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (٣٠) .
وقوله تعالى: (إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (١٢) .