والخلاصة: أن هذه العبارات يجوز اعتبارها مجازاً مركباً أو مفرداً بأن يكون
المجاز فيها استعارة بالكناية فيما يصح فيه ذلك. ويجوز جعلها من باب
الكناية حتى في عبارة اليهود: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ) ، ولا يمنع
من إيراد الكناية عليه أنه يجوز فيها حمَل الكلام على المعنى الحقيقي - وهذا
قول فيه خلاف - لأنا نقول: إن الله قد صرَّح في القرآن بأن له يداً في غير هذا الموضع. وعلى ما بين السَّلف والخَلف من خلاف في هذا المجال فإن العبارة محكية عن اليهود وهم لا يراعون مثل ما نراعيه نحن المسلمين من هذه
الاعتبارات الدقيقة في مجال الاعتقاد.
هذا. . وقد بقى توجيه واحد للزمخشري في عبارة الرد التي ذكرها الله رداً
على مقولة اليهود حيث قال: (غُلتْ أيْدِيهِمْ) .
والزمخشري يُجَوز أن تكون العبارة من الاستعمال الحقيقي بأن تُحمَل على
الوعيد أي أنه توعدهم بصيرورة حالهم إلى تلك الحال يوم يلقونه في الآخرة.
والأولى بالاعتبار حملها على المجاز وإنَّا لنرى اليهود مضرب المثل في البخل
بين العامة والخاصة فحق عليهم القول فبخلوا.
* *
[* " النور " في القرآن:]
(وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ) .
وهذه صورة مجازية رائعة،. شُبِّه فيها القرآن بـ " النور " على طريق
الاستعارة التصريحية الأصلية والجامع: الهداية والإرشاد،
والقرينة لفظية هى قوله: (أنزِلَ مَعَهُ) .
وعبد القاهر الجرجاني يجعل هذه الاستعارة أبلغ أنواع الاستعارات ويسميها
الضرب الصميم الخالص من الاستعارة. وضابطها عنده أن يكون الشبه مأخوذاً