إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (٢٤) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (٢٦) .
* *
[* غرضان من سورة " الغاشية ":]
هذه السورة تحقق لنا غرضين. أحدهما: أن فاصلتها - غالباً - كلمة
معمولة نحوياً لعامل في الآية، فدلالتها - إذن - دلالة رئيسية بالنسبة للآية.
إذ هي مضاف إليه في الآية الأولى. والمضاف فاعل لحديث الذي هو المعنى
الرئيسي فيها. لأنه المقصود بالتشويق بعد الاستفهام. وخبر أو صفة فى
الثالثة، وصفة لـ " نار " في الرابعة، ولـ " عين " في الخامسة، ومستثنى
فى السادسة، ومتعلق بـ " يغنى " في السابعة.
وهكذا لو تتبعنا آى السورة كلها. وهذا هو الشأن الغالب في فواصل
الآيات القصار أن تكون كلمات مفردة لها دور أساسى في تصوير المعنى
الرئيسي في الآية أو المعاني الرئيسية إذا تعددت معانيها.
وثانيهما: أن خمس آيات منها جاءت فاصلتها جملة وهي لم تخرج عن أداء
الدور الأساسى في بيان المعنى الرئيسي كذلك.
والذي نلاحظه عليها أنها جملة قصيرة قد أضمر فيها فاعلها.
وتلك الآيات هي:
(أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠) فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) .
فهذه الآيات الخمس جاءت فاصلتهَا جملةَ قصيرة ذكر أحد ركنيها " الفعل "، وأضمر فيها الثاني: نائب الفعل في أربع، والفاعل في واحدة.