للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* مبنى الشُّبهة:

وقد بنى هؤلاء فكرتهم على ثلاثة اعتبارات:

أولها: ما في القرآن من تعدد الأغراض والمقاصد.

ثانيها: الامتداد الزمني والمكاني.

حيث استغرق نزوله ثلاثاً وعشرين سنة فى موطنين مختلفين لهما اعتبارات متعددة، وهما: مكة، والمدينة،

وقد اختلفت الموضوعات التي عولجت في كل منهما عن الأخرى.

ثالثهاً: نزوله مفرقاً مُنَجَّماً حسب المناسبات والدواعى، فسورة البقرة -

مثلاً - استغرق نزولها تسع سنوات.

وجمعت في آياتها أحداثاً كان الفارق الزمني بين وقوعها كبيراً.

وقد وهم الغانمي والعز بن عبد السلام في ذلك وهماً كبيراً.

ولو أنهما لجأ إلى الفكر وأحسنا النظر بدارسة عقد المعاني في القرآن نفسه لرجعا عما قالاه، ولاستغفرا الله ربهما.

*

[* رد الشبهة:]

وقد فنَّد المتأخرون شُبهات هذه الفكرة، وضربوا أمثلة كثيرة لجودة الربط بين المعاني في القرآن، من المواضع التي يظن المتعجل أن الربط معدوم بينها.

من هؤلاء ضياء الدين بن الأثير في " المثل السائر "،

والزركشي فى " البرهان ".

جاء في المثل السائر: " وقال أبو العلاء محمد بن غانم المعروف بالغانمي "

إن كتاب الله خال من التخلص.

وهذا قول فاسد، لأن حقيقة التخلص إنما هى الخروج من كلام إلى كلام آخر غيره بلطيفة تلائم بين الكلام الذي خرج منه،

والكلام الذي خرج إليه.

وفي القرآن الكريم مواضع كثيرة كالخروج من الوعظ والتذكير والإنذار والبشارة بالجنة إلى أمر ونهي ووعد ووعيد، ومن محكم إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>