[* رأي جامع:]
بقى رأى آخر ذكره الزركشي وقال: إن أهل التحقيق على هذا الرأي،
ومحصله أن الإعجاز وقع بكل ما سبق من الأقوال. لا بواحد على انفراده.
فإنه جمع ذلك كله فلا معنى لنسبته إلى واحد منها بمفرده مع اشتماله على
الجميع. بل وغير ذلك مما لم يسبق.
فمنها الروعة التي في قلوب السامعين وأسماعهم سواء المقرُّون والجاحدون،
ثم إن سامعه إن كان مؤمنا به يداخله روعة في أول سماعه وخشية.
ثم لا يزال يجد في قلبه هشاشه إليه ومحبة له، وإن كان جاحداً وجد فيه مع تلك الروعة نفوراً لانقطاع مادته بحسن سمعه.
ومنها: أنه لا يزال غضاً طرياً في أسماع السامعين وعلى ألسنة القارئين.
ومنها: جمعه بين صفتى الجزالة والعذوبة وهما كالمتضادين لا يجتمعان غالباً
فى كلام البَشر، لأن الجزالة من الألفاظ التي لا توجد إلا بما يشوبها من القوة
وبعض الوعورة، والعذوبة منها ما يضادها من السلاسة والسهولة. فمَن نحا
نحو الصورة الأولى فإنما يقصد الفخامة والروعة في الأسماع. . ومَن نحا نحو
الثانية قصد كون الكلام في الأسماع أعذب وأشهى وألذ. .
وترى ألفاظ القرآن قد جمعت في نظمه كلتا الصفتين. .
وذلك أعظم وجوه البلاغة في الإعجاز.
ومنها: جعله آخر الكتب غنياً عن غيره، وجعل غيره من الكتب المتقدمة قد
يحتاج إلى بيان يرجع فيه إليه كما قال: