[* " ربط " تنافى " ختم " و " طبع ":]
من بديع القول أن القرآن حين التزم - على النحو الذي أبناه - استخدام
مادتى " ختم " و " طبع " للدلالة على فساد القلوب.
فإنه التزم مادة " ربط " للدلالة على صيانة القلوب من الفساد.
وذلك في مواضع ثلاثة:
الأول في أهل بدر: (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ)
وقال في شأن أهل الكهف مادحاً: (وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا. .) .
وقال في شأن أم موسىَ: (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠) .
فى المواضع الثلاثة السابقة استخدم القرآن مادة " ربط " فعلاً في معنى
المدح، على العكس من " ختم " و " طبع ".
وكذلك إذا كانت اسماً. . قال سبحانه: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) .
وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٢٠٠) .
فى المواضع الثلاثة الأولى جاءت الكلمة - فعلاً - فأفادت حفظ القلوب من
الفساد وبقاءها على الإيمان والثبات.
وفي الموضعين الرابع والخامس وردت المادة في مقام الجهاد. اسماً فى
الأولى، وفعلاً في الثانية. وذلك كله في مقام المدح والثناء.