ولهذا فإنك لا تجد في القرآن كلمة معيبة من حيث الصورة أو الاستعمال.
ولا تجد فيه لفظاً قلقاً مضطرباً أو نابياً في موضعه.
إلى آخر تلك العيوب التي يرددها نقاد الشعر وخبراء الأساليب.
وسلامة اللفظ القرآني من العيوب نعنى بها أن الألفاظ في القرآن مختارة
منتقاة لم يأت لفظ فيه حيثما اتفق. بل تدبير حكيم عليم. وإلى جانب انتقاء
اللفظ القرآني من حيث صورة اللفظ نفسه - حروفه وحركاته وسكناته - فإن القرآن يؤثر استخدام الألفاظ القصار الثلاثية الأصول أو الرباعية الأصول.
والثلاثية الأصول فيه أوفر عدداً من الرباعية.
" أما أن اللفظة خماسية الأصول فهذا لم يرد منه في القرآن شيء. لأنه مما
لا وجه للعذوبة فيه. إلا ما كان من اسم عُرِّب ولم يكن في الأصول عريياً.
كإبراهيم. . . . وإسما يل. . . . وطالوت. . . وجالوت. . ونحوها.
ولا يجيء فيه كذلك إلا أن يتخلله المد كما ترى.
فتخرج الكلمة وكأنها كلمتان ".
وتحقيقاً لهذه الصفة - انتقاء الألفاظ وعذوبتها في القرآن - فإن القرآن
يعمد إلى تهذيب ما قد يُعاب من اللفظ إذ دعا داع بلاغى لوروده فيه.
ولهذا فإنك ترى في القرآن كلمات يشهد الذوق بحسنها لأنها هُذِّبت ووُضعَت وضعاً مُحْكماً فيه.
بينما تراها في غيره معيبة شاذة. . وذلك بشهادة النقاد أنفسهم.
وليس ذلك مجاملة منهم للقرآن لما له من قداسة، بل لأسباب فنية أوضحوها
ووجهوا إليها الأنظار.
* *
[* ألفاظ حسنت في القرآن وعيبت في غيره:]
من ذلك كلمة " مقاعد ". فقد عابها النقاد في شِعر الشريف الرضي حيث