[* الألفاظ:]
فمن حيث الشكل اهتمت جهود العلماء بدراسة الألفاظ وصنفوها تصنيفاً
حكموا بجمال بعضها وحكموا بقبح بعضها.
وأوصوا باستعمال الجميل واطراح القبيح.
فقد اشترطوا في جمال اللفظ:
الجزالة والاستقامة، ومشاكلته للمعنى،
وشدة اقتضاء القافية له إن كان الموضوع شِعراً.
وجزالة اللفظ تتوافر له إذا لم يكن سوقياً مبتذلاً ولم يكن غريباً نابياً.
ومعياره عندهم أن يكون بحيث تعرفه العامة ولا تستعمله في محاوراتها.
وبهذه القاعدة عابوا كثيراً من أقوال الشعر اء.
واستقامة اللفظ تكون من حيث الجرس أو الدلالة أو التجانس مع قرائنه من
الألفاظ، فمن حيث الجرس يكون اللفظ مستقيماً إذا لم يجاف المتكلم به أصل
وضعه اللغوي ولهذا عابوا البحترى في قوله:
تشُقُ عَليْهِ الريحُ كل عَشيةٍ. . . جُيُوبَ الغَمَام بَيْنَ بِكْرٍ وَأيِّمِ
لأن الأيِّم هي مَن لا زوج لها، سواء سبق لها الزواج أو لم يسبق.
فالمقابلة بينهما غير مستقيمة.
وكذلك يكون اللفظ مستقيماً إذا تجانس مع قرائنه من الألفاظ.
ولذلك عابوا قول مسلم بن الوليد:
فَاذْهَبْ كَمَا ذَهَبَتْ غَوَادى مُزنةٍ. . . يَثْنِى عَليَهَا السَّهْلُ والأوْعَارُ
لأن المناسب أن يقول: السَّهل والوعر، أو السهول والأوعار، ليكون البناء
اللفظي واحداً، ومشاكلة اللفظ للمعنى تكون إذا وقع اللفظ موقعه بغير
زيادة ولا نقص. لذلك أخذوا على المتنبي قوله:
اسْتَأثَرَ اللهُ بِالوَفَاءِ وَبِالعَدل. . . وَأُولى المَلاَمة الرَّجُلاَ