ومن ملائمات القصة في البقرة للعهد المدنى أن اليهود كانوا في المدينة وهم
أهل كتاب. ولهم بماضى الأمم وحقائق الخلق دراية.
فجاءهم القرآن بتفاصيل دقيقة من جعل الخلافة لآدم.
ومحاورة الملائكة ربهم. وتعليم آدم الأسماء.
وعجز الملائكة عن التنبؤ بها. وتحقيق ذلك لآدم.
ومن تلك الملاءمة أيضاً قوله تعالى: (إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) .
فهذه للعبارة تؤدى إلى جانب المقصود منها معنى آخر هو تهديد ظاهرة النفاق
التي جدَّت في المدينة ولم تعرف عنها مكة شيئاً.
فيها تهديد لهم بكشف أسرارهم وإظهار خفاياهم لأن النفاق يقوم على كتمان
الكفر وإظهار الإيمان والطاعة.
* *
[* ملاحظة مهمة أخرى:]
ومن الملاحظات الهامة في نصوص القصة كلها في جميع مصادرها أن بعض
المعاني تُذكر مع بعض معيَّن. فإذا لم يُذكر ذلك البعض المعيَّن لم يذكر - كذلك - ما جرى المنهج القرآني على كره معه.
فسؤال الله إبليس عن عدم السجود يُذكر معه بعد اعتذاره طلب إبليس من ربه أن يجعله من المنظرين. ويُذكر معه - كذلك - إعلان إبليس تصديه لإضلال الناس إلا عباد الله المخلصين.
وهذا المعنى جاء في كل من سورة " ص " - والحجْر - والإسراء. ولم يرد
فى هذه السور الثلاث الأمر لهم بالهبوط من الجنة إلى الأرض.
وإذا ذكر الهبوط من الجنة إلى الأرض، ذكر معه ترقب الهُدى.
فمَن اتبعه هَداه إلى الحق. ومَن خالفه هلك.