للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحدثت عنها السور المكية، فإنه في بناء القصة في المدينة قدم القرآن المعاني

الجديدة، وبعد الفراغ منها ساق المعاني التي وردت في العهد المكي.

وبذلك اكتمل بناء القصة. ولم يعد فيها موضع لإضافة جديدة.

فى المدني كانت عبارة: (إنِّي جَاعلٌ في الأرضِ خَليفَةً) بديلا عن

عبارة: (إنًى خَالِقٌ بَشَراً)

لأن العهد المكي كان عهد تكوين في كل شيء. . تكوين للعقيدة الصالحة،

تكوين للأخلاق الإنسانية الفاضلة، تكوين لجماعة تؤمن بالحق وترفض الباطل.

فناسبه من قصة آدم عليه السلام مراحل التكوبن الأولى.

مراحل الخلق والإيجاد من الطين أو الصلصال والحمأ المسنون.

أما " الجعل " فمناسب للعهد المدني لأنه طور لاحق للإيجاد والخلق.

ولأن مفعوله خليفة، والخلافة مجعولة لآدم متنقلة في ذُريته جيلاً بعد جيل لأن فى الجعل معنى التحويل من شيء إلى شيء.

قال العلامة العمادي في تفسير أول سورة الأنعام:

" والجعل هو الإنشاء والإبداء كالخلق. خلا أن ذلك مختص بالإنشاء التكوينى وفيه معنى التقدير والتسوية.

وهذا عام له كما في قوله تعالى: (وَجَعَلَ الظلمَاتِ والنورَ) ، وللتشريعي كما في قوله تعالى: (مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ) .

وأياً ما كان فهو إنباء عن مَلابسةَ مفعوله بشئَ آخًر يكونَ فيه أو له أو منه ".

فالخلق لا يُطلق إلا على الإيجاد والإبداع. أما الجعل فقد يُستعمل في معنى

الخلق. وقد يفارق ذلك المعنى إلى معان أخرى كما ذكره العمادي.

ولذلك وضع بإزاء الخلافة لأن الخلافة مجعولة لا مخلوقة.


(١) في الكتاب المطبوع النص هكذا: " والجعل هو الإنشاء والإبداء كالخلق. خلا إن مختص بالإنشاء التكوينى. وتم التصويب من تفسير أبي السعود (صاحب النص) . اهـ مصحح النسخة الإلكترونية.

<<  <  ج: ص:  >  >>