وذكر ابن الأثير لصحة التقسيم نصوصاً غير ما ذكره ابن أبى الإصبع، فمن
ذلك قوله تعالى: (. . فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ)
قال معلقاً على هذه الآية: " وهذه قسمة صحيحة.
فإنه لا يخلو العباد من هذه الثلاثة: فإما عاص ظالم لنفسه، وإما مطيع مبادر بالخيرات، وإما مقتصد بينهما.
ومثَّل أيضاً بقوله تعالى: (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (٧) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (٨) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (٩) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) .
وقال معلقاً عليها: " وهذه الآية منطبقة المعنى على الآية التي قبلها:
فأصحاب المشأمة هم الظالون لأنفسهم، وأصحاب الميمنة هم المقتصدون،
والسابقون هم السابقون بالخيرات ".
*
[* رأي لابن الأثير:]
ويعالج ابن الأثير في هذا الموضع موضوعاً مهماً لم يتنبه إليه سواه قال:
" فإن قيل: إن استيفاء الأقسام ليس شرطاً، وترك بعض الأقسام لا يقدح فى
الكلام. وقد ورد في القرآن الكريم، كقوله تعالى:
(لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ (٢٠) .
فَذكر أصحاب الجنة دون أصحاب النار، فالجواب على ذلك أنى أقول:
هذا لا ينقض على ما ذكرته.
فإن استيفاء الأقسام يلزم فيما استبهم الإجمال فيه، ألا ترى إلى