ولهذا جزم السكاكي بإفادة التقديم التخصيص في قوله:
(وَأمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ) . فيمن قرأ بنصب " ثمود ".
وذلك لامتناع تقدير المحذوف قبل المنصوب لالتزام النجاة فاصلاً بين " أما " و " الفاء " ولو قُدَِّر كذلك فات ذلك الالتزام ووقع المحظور.
* *
[* تقديم المفعول للإنكار:]
ثالثاً: أن يكون لإنكار الفعل على معنى: لا ينبغي أن يكون.
وقد أفاض الإمام عبد القاهر في تحليل هذا الموضوع في أسلوب أدبي آسر، قال - وكلامه فى الهمزة: " وقد تكون إذ يراد إنكار الفعل من أصله، ثم يخرج اللفظ مخرجه ".
وبعد أن أورد أمثلة لتقديم الفاعل، شارحاً وموضحاً لمذهبه، يورد كذلك
أمثلة لتقديم المفعول والياً الهمزة فيقول: " ونظير هذا - أي نظير تقديم الفاعل
- قوله تعالى: (قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ) .
أخرج اللفظ مخرجه إذا كان قد ثبت تحريم في أحد أَشياء.
ثم أريد معرِفة عين المحرم، مع أن المراد إنكار التحريم من أصله، ونفى أن
يكون قد حُرِّم شيء بما ذكروا أنه محرم وذلك إن كان الكلام وضع على أن يجعل التحريم كأنه قد كان ثم يقال لهم: أخبرونا عن هذا التحريم الذي زعمتم فيمَ هو؟
أفى هذا أم ذاك؟ أم في الثالث؟ ليتبين بطلان قولهم، ويظهر مكانَ الفرْيَةِ
منهم على الله ".
وقريب من هذا قوله: " واعلم أن حال المفعول - فيما ذكرنا - كحال الفاعل.
أعنى تقديم الاسم المفعول يقتضي أن يكون الإنكار في طريق الإحالة والمنع،
من أن يكون بمثابة أن يوقع به مثل ذلك الفعل
فإذا قلت: أزيداً تضرب؟