[* وما سر الحذف إذن؟]
أما الأول فأرى سر الحذف فيه إرادة التعميم.
ليقدروا ما شاءوا من صلات تعطلت كانت قوية بينهم.
أو أي أمر كان يجمعهم إلى آخر ما يحتمله المقام.
وفي الثاني وضعوا الفعل موضع الفاعل لدلالة الفعل على الاستقبال لأنه
حال التفكير في الأمر واستقرارهم على أن يسجنوه لم يكن سجيناً.
وإنما سُجِنَ بعد إجماعهم على هذا الرأي. ودلالة الفعل على الاستقبال ظاهرة.
ولو قال: " بدا لهم سجنه " لفات هذا المعنى.
ومعنى آخر صلح له الفعل دون الاسم هنا هو: أن الفعل أمكن معه تصوير
حالتهم النفسية وإجماعهم الأكيد على سجنه وأنهم لن يستبدلوا به أمراً آخر
أخف منه فدخلت على الفعل لام القَسَم ونونه، والاسم " سجنه " غير صالح
لهذه الدلالات بداهة.
والدكتور أحمد أحمد بدوي يرى أن الحذف لمجرد أن الفعل شديد الإيحاء
بالفاعل.
هذا صحيح ولكن ما رأيناه بجانب هذا أولى فيما أظن.
* *
٣ - حذف المبتدأ، وحذف الخبر:
حذف أحد ركني الجملة الاسمية - المبتدأ أو الخبر - كثير شائع في الكلام
العربي الفصيح وليس لديهم محظور في حذف أيهما إذا دلت عليه قرينة.
واقتضاه داع بلاغي أو صناعي.
وحذفهما له أحوال شتى عند النحاة. فقد يكون واجباً، وقد يكون جائزاً
.. وقد حققوا كل هذه المواضع ووضعوا أصولها وقواعدها.
وهذا بخلاف حرصهم الشديد على عدم الحذف في الجملة الفعلية.
إذ يرون أن ذكر الفاعل - دائماً - واجب إلا فيما ذكرناه.
والفعل الأصل فيه الذكر.
وليسَت هناك حالة واحدة يجب فيها حذفه فالأمر فيه دائماً معمول على الجواز.