والتفرقة بين أدوات الشرط على هذا الأساس ليست خاصة بمجموعة السور
الشرطية بل عامة في جميع سور القرآن، ولا يخالف إلا لداع بلاغى. وإنما
آثرنا الحديث عما جاء منه في هذه المجموعة لأن المجال خاص بها.
* * *
[* ظاهرتان عامتان:]
والذي أريد إثباته - هنا - أن مجموعة كل نوع تحكمها ظاهرتان:
الأولى: أن كل مجموعة من هذه السور انتظمت تحت أصل واحد من هذه
الأصول العشرة بينها مناسبات وخصائص كانت سبباً في أن تكون هذه المجموعة جدولاً متميزاً يتقدمه مطلع واحد متحد السمات أو متقاربها.
بحيث يتضح عند التأمل أن انتظامها تحت ذلك الأصل لم يكن محض صدفة. بل هو تدبير حكيم. وصنع خبير.
الثانية: أن تلك الأصول - في جملتها - ضرب من البيان رفيع، ونمط من
التعبير معجز، ولون من البلاغة فريد، إذ هي آنق، وأنسب الكلام مطالع،
وأجزلها وأعذبها ألفاظاً، وأشرفها وأنبلها مقاصد، وأحسنها وأجودها سبكاً، وأدقها وأروعها نظماً.
ومطالع الكلام هي أول ما يقرع السمع ويصل إلى النفس.
فإذا توافرت لها خصائص التعبير الجميل خفت النفس لسماعه.
وأقبلت على فهم معناه.
وانتهاج نهجه وصارت معه حيث يكون.
وقد جاءت هذه الفواتح كلها وافية بهذا الغرض عامرة بتلك الخصائص وهو
أمر شهد به أرباب القول وحُذاق الكلام حتى من أعداء القرآن أنفسهم. والحق ما شهدت به الأعداء.
والآن. . فقد بانَ لنا أن كلتا المجموعتين - ما بدئت بحروف الهجاء، وما
بدئت بأساليب شرط - لم يكن هذا السلوك في أي منهما أمراً صنعته الصدفة.
بل كان لخصائص تعم أفراد المجموعة. وتربط بينها فتجعلها قسماً ذا ملامح