[* موضوع هذه الآيات:]
حكت هذه الآيات طرفاً من قصة موسى عليه السلام.
وهو طرف مثير من تلك القصة وقد اشتملت هذه الآيات على صور شتى من المجاز والمعاني والبديعِ.
إذ هي نص محكم متماسك يطالعك بمطلع مثير:
(وَلمَا سَكَتَ عَن مُوسَى الغَضَبُ)
فقد أسند السكوت إلى الغضب، وصار الغضب فاعلاً للسكوت.
وهذا العمل يدعو إلى التأمل والتفكير. فليس الغضب ممن يتكلم حتى يُسند إليه السكوت. وليس السكوت من الأحداث التي تثبت للغضب أو تنفى عنه.
الغضب عن ذلك بمعزل.
*
[* مجاز على وجوه ثلاثة:]
إذن فإن في التعبير تجوزاً. وهو محتمل لثلاثة وجوه:
أ - أن يكون استعارة تصريحية تبعية. بأن يشبه زوال الغضب.
ب " السكوت " بجامع انعدام الأثر في كل.
والقرينة - إذن - هى إسناد السكوت إلى الغضب.
٢ - أن يكون استعارة بالكناية.
ووجهه أن تشبه الغضب بإنسان ثائر يقذف
الحمم من لسانه ويضرب ويبطش ويصول ويجول.
ثم تحذف المشبه به. وترمز له بشيء من خواصه وهو - هنا - السكوت. وإلى هذا الرأي يميل الزمخشري فيقول:
" كأن الغضب كان يغريه على ما فعل. ويقول له: قل لقومك كذا.
وألق الألواح وجر برأس أخيك إليك. وتُرِك النطق بذلك. وقطع الإغراء. ولم يستحسن هذه الكلمة ولم يستفصحها كل ذى طبع سليم.
وذوق صحيح إلا لذلك ولأنه من قبيل شعب البلاغة ".