لأن كروتشيه " يحدد المضمون بالأحاسيس أو الناحية الانفعالية قبل صقلها
صقلاً جمالياً، وأما الشكل فهو صقلها وإبرازها في تعبير عن طريق النشاط
الفكرى، وعلى هذا يأبى " كروتشيه " أن تكون الحقيقة الجمالية محصورة
فى المضمون. وإنما هي ترجع إلى الشكل بما يحويه من أحاسيس وخيالات
وعواطف وانفعالات، لأن أهمية المضمون عنده تنحصر في التعبير عنه تعبيراً
جمالياً".
* * *
[* الموازنة بين معنى ومعنى:]
وأما الموازنة بين معنى ومعنى فإن الباحث يرى أن الوجوه البلاغية من أهم
العناصر التي كانت تعتمد عليها هذه الموازنات. ونورد بعض الأمثلة فيما
يأتى لنرى إلى أي مدى كانت الوجوه البلاغية تذكيها وتوجهها وتتخذ أساساً
للحكم أو القبح فيها.
فالآمدى وهو أحد رجلين وضعا أصول النقد المنهجى عند العرب، أكثر
ما يقوم عليه مذهبه النقدى هو الملاحظات البلاغية فقد ذكر ابن المعتز قول
أبى تمام:
فَضَربْتُ الشتَاء في أخْدَعَيْهِ. . . ضَريةُ غَادَرَتْهُ عُوْداً ركوبَا
على أن فيه استعارة معيبة، فجاء الآمدى يدافع عن أبى تمام فيقول: "فأما
قوله - يعنى أبا تمام - " فضربتُ الشتاء في أخدعيه " فإن ذكر الأخدعين على قبحهما أسوغ، لأنه قال: " ضربة غادرته ". .
وذلك أن العود المسن من الإبل يُضرب على صفحتى عنقه فيذل، فقربت الاستعارة هنا من الصواب قليلاً".