ولا يجوز أن يكون المشبه الأصنام لا المنافقين. وهذا بعيد لأن الأصنام
لا قول لها. وصياغة الآية تُشعر بمعان دقيقة.
* *
[* معان دقيقة:]
ذلك أن فيها شرطين، أحدهما: الأداة فيه " إذا " وهو: (وَإذا رَأيْتَهُمْ
تُعْجِبُكَ أجْسَامُهُمْ) .
وثانيهما: الأداة فيه " إنْ " وهو: (وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) .
وقد وقع الشرط الثاني قبيل التشبيه مباشرة فجاء التشبيه في حيزه.
إذن - فلماذا أوثرت " إذا " في الشرط الأول و " إن " في الثاني؟
ولماذا أولى التشبيه الشرط الثاني وكان الأولى من. حيث الظاهر أن يلى
الشرط الأول ما دام التشبيه منصباً على الأجسام حسبما تقدم عند الزمخشري؟
وفي الإجابة عن هذه الأسئلة أُرجح الآتى:
إيثار " إذا " في جانب الشرط الأول لعله - والله أعلم - لبيان حرصهم على
غشيان مجالس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طمعاً في الحظوة عنده. ودفعاً للشك فيهم.
ورجاء أن يصيبوا بعض ما يفتح الله عليه من مال. يبتغون من هذا الوجود
إظهار الولاء والطاعة.
فلكثرة وقوعه منهم، وحرصهم عليه، صُدِّر بأداة الشرط المفيدة لتحقق
مدخولها، وهي " إذا " خاصة.
أما إيثار " إن " في جانب القول فلعله - والله أعلم - لحرصهم - كذلك
على عدم القول عنده إلا بحساب خشية أن يفلت منهم لفظ يكشف نواياهم وينم عما تخفى صدورهم من الكفر والنفاق. فلم يكونوا ينطلقون في الحديث عنده