فأولى بالباحث الحديث أن يكون من هذا السبب على حذر لأنه يحجر على
الفهم ولا يغنى عن البحث.
ثانياً: أنهم يعتبرون - كذلك - رعاية الفاصلة سبباً من أسباب الحذف وغيره
من مظاهر التعبير المخالفة للظاهر أو العُرف اللغوي.
وهي كثيرة جداً في القرآن الكريم.
وقد أحصى منها ابن الصائغ أكثر من أربعين موضعاً زعم أن الحذف فيها
وغير الحذف من أجل رعاية الفواصل أو مطابقة رءوس الآي.
ولكنه عاد فقال:
" إن هذه المواضع تحتمل وجوهاً أخرى غير مناسبة الفواصل.
وقد نقل عنه ذلك السيوطي وقال: إن لشمس الدين ابن الصائغ الحنفي كتاباً سماه " إحكام الرأي في أحكام الآي " ذكر فيه هذه الوجوه.
والأمثلة التي ذكرها ابن الصائغ فإن الظاهر فيها إنها ليست لرعاية الألفاظ
بل لدواع أخرى غيرها.
وقد ناقشنا بعضها فيما تقدم.
* *
[* ورعاية الفواصل وحدها لا تكفي:]
والحق أن رعاية الفاصلة سبب أقوى من مجرد الاختصار.
وهو مع قوته ينبغي عدم التعويل عليه وحده في توجيه الظواهر الأسلوبية.
وهذا أمر أمكن التوصل إليه في يُسر.
فلننظر فيما ذكروه من أمثلته.
إنهم ذكروا قوله تعالى: (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (٣) .
وقالوا: إن المفعول حُذِفَ لرعاية الفواصل.