ولعل السر في ختم هذه الفواصل بالتاء الساكنة الهامسة الإشارة إلى انقضاء
حركة الحياة الأولى في الكون. والإيذان بسيطرة الخوف والدهشة على النفوس والوجوم الذي يغشى الناس. . . وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همساً.
وداعي هذا الخوف المسيطر على النفوس، أوضاع الكون الغريبة التي صار
إليها. . وليس في النفوس البَشرية استعداد لتحملها في وعيٍ وإدراك.
والإنسان يومئذ سيرى حقيقة عمله ويقف على نوع مصيره: (عَلمَتْ نَفْسٌ
مَا أحْضَرَتْ) ، والنفوس عندما تصل إلى هذا الموقف تتهَيأ لامتثال
الأوامر، وتتطلع إلى حسن التوجيه وتهفو إلى الإرشاد المنجي من هذه الويلات.
* *
[* حقيقة كبرى:]
لهذا - والله أعدم - يعقب القرآن هذا المشهد المثير المخيف بعرض حقيقة
كبرى من حقائق الإيمان.
وهو لا يكتفى بتهيئ النفوس الذي شرحناه آنفاً. بل يمهد لهذه الحقيقة الثانية
بذكر آيات لله في الكون من كواكب خُنس كُنس. تسير في فلكها بنظام دقيق.
ومن ليل يقبل بظلامه فيسكن كل متحرك. ويختفى كل ظاهر، وصبح ترسل
أشعته هادية باصرة فيتحرك كل ساكن ويظهر كل مختف. . .
إنه بعث. إنه حياة.
بعد هذا كله يعرض القرآن حقيقة الإيمان الكبرى: القرآن كتاب الله ووحى
أوحاه: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute