وسمى هذا المتاع: (مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) .
وهذا التعبير يثير عند الأزواج مشاعر المروءة والنخَوة ويستل من النفوس السخائم فتبذل ما وجب عليها في رضا وحنان، والمستفيد هنا المطلقات.
والآية الثانية خطاب لهم - كذلك - والحال أن الطلاق وقع قبل المس وقد
فرضوا لهن فريضة. فعلى الزوج - إذن - أن يبذل لها نصف ما فرض.
هذا حق للمطلقة واجب على المطلِّق. فلها أن تستمسك بحقها.
وعليه أن يؤديه لها.
ذلك أصل المسألة وأساس القضاء الذي لا يجوز له أن يعدل عنه، لأنه
مأمور بأخذ الحقوق وإعطائها لمستحقيها.
* *
[* الدعوة إلى الإصلاح:]
لكن القرآن الذي يفسح المجال دائماً أمام المتنازعين للتسامح والتصالح،
لأنهما في النهاية يؤديان إلى الموَدة والإخاء بينهم، لم يقف عند حد بيان أصل
المسألة. فتراه بعد أن قررها يقول: (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ. .) .
فأداء النصف واجب على المطلق. وللمطلقة أن تعفو عنه كله أو جزئه،
أو يعفو وليها.
فهذا الاستثناء أول درجة في سلم المصالحة. ولكن هل القرآن وقف بالمسألة
عند حد الاستثناء؟
لو كان الأمر كذلك لكان وافياً في الإذن بالتصالح، والأخذ بالحسنى من جانب صاحب الحق.
لكن القرآن لم يقف بها عند هذا الحد.
بل ذكر بعد الاستثناء ما يُرَجِّح العمل به، ويُرَغب المطلقات أو أولياءهن فيه.
فقال: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) .