للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[* ملحظ آخر فات ابن الصائغ:]

ويؤخذ على ابن الصائغ - هنا - مأخذ ثان. حاصله أن كلامه في تقديم

السمع على البصر يُشعر بأن ذلك مطرد في الذكر الحكيم، وليس كذلك. فقد جاء البصر قبل السمع في مواضع نذكر منها ما يأتي:

أولاً: قوله تعالى في سورة الكهف: (قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (٢٦) .

وقوله في سورة الأعراف: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ) .

وقوله في الكهف أيضاً: (الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (١٠١) .

وقوله في سورة الإسراء: (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا) .

هذه أمثلة لم يتنبه لها ابن الصائغ. إذن فلو كان تقديم السمع على البصر

لشرف السمع على البصر دون اعتبار آخر لاقتضى ذلك تقديمه في كل موضع اجتمعا فيه ولما تخلف منها موضع واحد لعدم تخلف العِلَّة في التقديم.

فالناظر في آيات الكتاب الحكيم يجد:

(أ) تقديم السمع على البصر في الأغلب بما يقرب من الأصل.

(ب) تقديم البصر على السمع فيما قَلَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>