ومعنى آخر - أن البدء بأداة التشبيه هنا والياً لها المشبَّه به تُشعر باتصال
الكلام، أما لو بدئ بـ " العذاب " لتوهم زوال ذلك الاتصال.
ومنه أيضِاً: (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٨) .
والمشبه - هنا - فعل كما ترى.
كما تأتي أداة التشبيه في بدء كلام فتربط بينه وبين كلام سابق من حيث
أنهما متشابهان - لتؤذن - مع هذا بتفصيل المشبَّه به فيما يستأنف من الكلام.
ومثاله أيضاً من قصة أصحاب الجنة: (إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (١٧) .
ويتوالى الحديث بعد ذلك في تفصيل قصة أصحاب الجنة التي هي مشبَّه بها.
* *
[* التشبيه والتمثيل أصيلان في أسلوب القرآن:]
حادى عشر - لذلك كانت جملة التشبيه في القرآن تمثل عنصراً أساسياً فى
إيضاح المعاني وتقريرها. وليست ثانوية في الأسلوب.
لذلك استخدمها القرآن الكريم في الأغراض الهامة من المدح إلى الذم.
ومن الترغيب إلى الترهيب. ومن التهذيب والإصلاح إلى التشريع والأحكام إلى الجدل والإفحام إلى آخر مقاصد الكتاب الحكيم.
ثانى عشر - إن الباحث في تشبيهات القرآن يراه محذوف الوجه دائماً فهي
- إذن - من التشبيهات الجملة التي تقتضى التماثل التام بين الطرفين. وفى
هذا نوع من تأكيد الصلة بين ذينك الطرفين.
* * *