للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أليس في ذلك ترغيب شديد إلى العفو بين المتنازعين. إنه كذلك.

وهنا تبدو المسألة قد كملت من جانبيها القضائى والاستثنائى، أو القانونى والأخلاقى، مع الترغيب في الثاني دون الأول وليس عند هذا الحد - أيضاً - يقف القرآن.

بل يُوجِّه إرشاده إلى طرفى النزاع لا صاحب الحق منهما، ولا مَن عليه الحق.

إرشاد جامع للأخذ بالحُسنى: (وَلاَ تَنسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ) .

نصيحة غالية لا أتصور المتنازعين عند سماعها إلا آذاناً واعية، وقلوباً

فسيحة. وأنفساً صافية لم يبق فيها من آثار الخصومة إلا الذِكرى.

وتأتى - بعد ذلك - الفاصلة فتضع المتنازعين تحت رقابة دقيقة لا يعزب

عنها شيء، تكافئ الحسن بالإحسان. . والسيئ بمثل ما فعل:

(إن اللهَ بمَا تَعْمَلونَ بَصِير) .

وهنا يُسدل الستار، وتتم الصورة من جميع مقوماتها: وضوح التشريع

وأصول الحكم، والترغيب في العفو والإحسان.

والتنفير من الظلم والإساءة.

هذه مُثُل من الأحكام والتشريع القرآني، لمسنا فيها - بإيجاز - المنهج الذى

يسير عليه القرآن في بيان تلك الأحكام، إنه لم ينح بها النحو التقريرى كما هو الشأن في مثل هذه القضايا. وإنما خاطبَ بها النفس الإنسانية بكل مدركاتها:

العقل والمنطق والعواطف والمشاعر. دون أن تحس بضعف في الصياغة،

ولا قصور في المعنى.

يبين للإنسان فيه مصادر أخذه، ومجالات إعطائه.

مُحبِّباً إلى نفسه ومشاعره وروحه عمل الخير، ومُكَرِّهاً لها عمل ما هو دون

الخير، من شر خالص. أو خير خلاف الأولى.

* * *

[* الجدل القرآني:]

ولكنتا لا نقف عند حد الأحكام والتشريع فيه.

لتأييد هذه السمة الأسلوبية

فى القرآن التي أسميناها: الإقناع والإمتاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>