وفى التعبير عن التوبة بالرجوع الذي هو عدول السائر عن وجهة كان يريدها
إلى أخرى عرضت له مجاز يجوز حمله على وجهين:
الأول: أن يكون تمثيلاً شبهت فيه هيئة التائب - وهي أمر معنوي - بهيئة
الراجع، وهي أمر حسي. وسره التقرير والإيضاح.
والجامع بين الأمرين رجوع التائب عن المعاصي والإقبال على الطاعات ورجوع السائر عن وجهته إلى أخرى.
فالعدول هو الأمر الجامع بين الأمرين.
والقرينة استحالة الرجوع المحسوس إلى الله.
لأنه غير حال في مكان دون آخر يرجع إليه فيه.
الثاني: أن يكون استعارة مفردة شبهت فيه التوبة
بالرجوع - مطلق رجوع - والجامع والقرينة كما سبق، فهى استعارة تصريحية أصلية.
* *
[* التعميم والتخصيص في الرحمة:]
(وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) .
رحمة الله: نعمه وألطافه.
والرحمة في الأصل: الشفقة والحنان.
مشتقة من " الرحم " الذي هو موضع نمو الجنين لا يلقاه فيه من أسباب الراحة ووجوه الإنعام.
ويراد بها في جانب الله لازمها. وهو ما يترتب عليها من الإكرام والتنعيم
والإلطاف.
ولما كانت الرحمة هيئة من هيئات النفس وشعوراً وجدانياً. . فإن وصفها
بالوسع ضرب من المجاز ومعنى: " أن رحمة الله وسعت كل شيء "
أن من شأنها أن تشمل جميع الموجودات لكثرتها وسعة فضلها.