وعلى هذا فالمجاز فيها محتمل لوجهين:
الأول: أن تكون استعارة تمثيلية شبهت فيها هيئة الرحمة وما يمكن أن تظله
فيها من المخلوقات بشيء محيط متسع ذى طاقة هائلة من الوسع.
فالهيئة الأولى تخيلية والهيئة الثانية واقعية حسية. .
وسره البلاغي إبراز المتخيل المعنوي في صورة الواقع الحسي. .
والقرينة امتناع أن تتصف الرحمة بالوسع
لأنها ليست ذات مساحة. . فتخيل إسناد الوسع إلى الرحمة هو قرينة المجاز.
الثاني: أن تكون استعارة بالكناية. شبهت فيها الرحمة بشيء ذى وسع ثم
حذف المشبه به ورُمِزَ له بخاصة من خواصه وهي " الوسع "
ومعنى التمثيل فيها أظهر.
والمعنى لا يتغير بتغيير التوجيه الاصطلاحي. فرحمة الله غير متناهية تكفي
أهل السموات والأرض وما بينهما.
وتزيد لتشمل كل شيء حتى الجمادات.
وقد استعمل القرآن هذه المادة " وسع "
تمثيلاً لبيان مقدار الرحمة أو العلم فى المواضع الآتية:
أولاً - في جانب الرحمة:
١ - (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) .
٢ - (فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ) .
٣ - (رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا) .
٤ - (إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ) .
وقد قامت المغفرة في هذا المثال مقام الرحمة، لأن المغفرة
جزء من الرحمة في معناها الشامل.