للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى الصورة الأولى إيماء إلى حقيقة الحالة النفسية التي يكون عليها هذا

الفريق، ثم ماذا بعد تصوير الحالة النفسية؟

إن المشهد الذي يصوره لنا القرآن في الجانب المقابل، حركة عنيفة تؤدى إلى

الهلاك السريع والتحطم البالغ. (انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ)

والانقلاب على الوجه ذهاب بالصورة إلى قمة التأثير النفسي تنفيراً من هذه الحالة المشينة.

وإنَّا لنلمح التناسق العجيب بين هذين المشهدين " الحرف " و " الانقلاب "

فإن مَن يقف على طرف سرعان ما يهوى ساقطاً لا يلوى على شيء، وتلك نتيجة لازمة يدركها الخيال وإن لم يصرح بها في التعبير (١) .

هذه الصور الدائبة الحركة، والشخوص البارزة بديل من معنى ذهنى مجرد،

كان يمكن أن يؤدى بهذه العبارات: من الناس فريق يعبد الله على إيمان ضعيف فإن كرمه الله بالنعَم هَدئ وقَر.

وإن ابتلاه بالصائب ثار وفر، وهلك مع الهالكين.

وبين الطرَيقتين بون شاسع وفرق جسيم.

*

[* إثارة الخيال:]

لقد اشترك في إدراك هذه الصورة حاسة البصر حيث يتخيل لها ذلك الرجل

الجالس أو الواقف على الطرف المتأرجح بين الثبات والتزعزع.

وإن البصر يرقب ذلك الشبح وهو يهوى إلى الأرض في حركة سريعة حين زلت به القدم. . .

وحاسة السمع إنها لتكاد تتخيل صوت ارتطامه بالأرض الصلبة، يخرق صماخ الأذنين فيتمزق الجسم شر ممزق، ويتهشم العظم وتتناثر أشلاؤه هنا وهناك. .

وعواطف الحيرة والقلق، ثم الشفقة والرثاء. ثم الذهن حين يقارن ويتأمل

يمحكم.

ووراء ذلك كله يكمن سر التعبير كما جاء في الآية الكريمة. .

* *


(١) سحر البيان في مجازات القرآن: بحث لنا مخطوط قدمته لكلية اللغة العربية للحصول على درجة الماجستير في البلاغة عام ١٩٦٨

<<  <  ج: ص:  >  >>