بعد الاختناق، على أن المراد به فرض القطع وتقديره، كما أن المراد بالنظر فى قوله تعالى: (فَليَنظرْ هَلْ يُذْهبَن كَيْدُهُ مَا يَغيظُ) تقدير النظر وتصويره.
أى فليصور في نفسه النظر، هل يذهب كيده ذلك الذي هو أقصى ما انتهت
إليه قُدرته في باب المعنادة والمضارة ما يغيظه من النُصرة. كلا.
ويجوز أن يراد: فلينظر الآن أنه إن فعل ذلك هل يذهب ما يغيظه؟
وقيل: المعنى: فليمدد حبلاً إلى السماء المظلة، وليصعد عليه ثم ليقطع الوحى، وقيل: ليقطع المسافة حتى يبلغ شأنها فليجتهد في دفع ضرره.
ويأباه - يعنى هذا الرأي الأخير - أن مقاصد النظم الكريم بيان أن الأمور
المفروضة على تقدير وقوعها وتحققها بمعزل من إذهاب ما يغيظ، ومن البيِّن أن لا معنى لفرض وقوع الأمور الممتنعة وترتيب الأمر بالنظر عليه لا سيما قطع الوحى. فإن فرض وقوعه مخل بالمرام قطعاً.
وقيل: كان قوم من المسلمين لشدة غيظهم وحنقهم على المشركين يستبطئون
ما وعد الله به ورسوله عليه الصلاة والسلام من النُصرة، وآخرون من المشركين يريدون إتباعه - عليه السلام - ويخشون أن لا يثبت أمره، فنزلت.
وقد فُسر " النصر " بالرزق، فالمعنى أن الأرزاق بيد الله تعالى، لا تُنال
إلا بمشيئته تعالى فلا بدَّ للعبد من الرضا بقسمته.
فمن ظن أن الله تعالى غير رازقه، ولم يصبر ولم يستسلم.
فليبلغ غاية الجزع، وهو الاختناق، فإن ذلك لا يغلب القسمة ولا يرده مرزوقاً.
* * *
[* القراءات وتعدد المعنى:]
أما أثر القراءات في تكثير المعنى القرآني وثراء ما يستنبط منه، فيتضح
من الأمثلة الآتية: