من الناحية الدينية حيث تحمل المؤمنين على التذكر والاعتبار عقب كل قصة
من هذه القصص، ومن الناحية الأدبية لأن العبارة: (فَكَيْفَ كانَ عَذَابِى
وَنُذُرِ) تأتى عقب كل قصة - أيضاً - لافتة أنظار المشاهدين إلى " كنه "
النهاية وختام أحداث القصة.
وقد مهَّد القرآن لهذا التكرار حيث لم يأت إلا بعد خمس عشرة آية تنتهى
كلها بفاصلة واحدة تتحد نهاياتها بحرف " الراء " مع التزام تحريك ما قبلها.
وذلك هو نهج فواصل السورة كلها. وقد أشاع هذا النسق الشاجى نوعاً من الموسيقى الصاخبة العنيفة التي تتلاءم مع جو الإنذار أيما تناسب.
والسورة فوق كل هذا مكية النزول والموضوع.
كما أن الطابع القصصى هو السائد في هذه السورة. فبعد أن صوَّر القرآن
الكريم موقف أهل مكة من الدعوة الجديدة. وبيَّن ضلال مسلكهم. وقد كان الرسول عليه السلام حريصاً على هدايتهم في وقت هم فيه أشد ما يكونون إعراضاً عنه. لهذا اقتضى الموقف العام سوق عِبَر الماضين - ليكون في ذلك تسلية للرسول عليه السلام ومن اتبعه وزجر لمن عارضه وصَدَّ عنه.
وما دام هذا هو طابع السورة فإن أسس التريية - خاصة تربية الأمم -
تستدعى تأكيد الحقائق بكل وسيلة ومنها التكرار الذي لمسناه في سورتنا هذه.
حتى لكأنه أصيل فيها وليس بمكرر.
[* تكرار آخر في " القمر ":]
وفي هذه السورة " القمر " مظهر آخر من مظاهر التكرار، هو قوله تعالى:
(وَلقَدْ يَسَّرْنَا القُرآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ) ؟ حيث ورد في السورة
أربع مرات، وهذه دعوة صَالحة للتأمل فيما يسوقه الله من قصص.