(فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (١٥) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنْصَرُونَ (١٦) .
فقد بطرت " عاد " نعَم ربها عليها. وغرها ما هي فيه من أسباب التمكين
فى الأرض وقوة البطش أن تبارز ربها ومولى نعمها بالمعاصي، فأهلكها الله
بما لا قِبَل لها به. وفي كل موضع يذكر القرآن فيه قصة هؤلاء تأتى عباراته
قوية هادرة واعظة زاجرة. .
جاء في موضع آخر: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (٦) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (٨) .
وكانت عاقبتها خسراً وهلاكاً مع مَن طغى في الأرض بغير الحق: (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (١٣) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (١٤) .
أما الموضع الأخير الذىَ ذكِرت فيه هذه العبارة: (فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى
وَنُذُرِ) فحين قصَّ الله علينا قصة " ثمود "، وقد جاءت فيها كذلك مهيئة
لتلقى صورة العقاب بعد التشويق إليها عند السامع. ولفت نظره إليها:
(فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ (٣٠) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١) .
ومن هنا ندرك شدة اقتضاء المقام لهذا التكرار.
فليست إحدى العبارات فى موضع بمغنية عن أختها في الموضع الآخر.
إنما هو اتساق عجيب تطلبه المقام من الناحيتين: الدينية والأدبية.