للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اشتملت هذه الآية: (وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)

على خبر واستفهام، والخبر تمهيد للاستفهام الذي فيها وإغراء عليه.

* *

[* التكرار في " الرحمن ":]

أما التكرار الوارد في " الرحمن " في قوله تعالى: (فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) حيث ذكر فيها إحدى وثلاثين مرة فله أسبابه كَذلك.

وَيمكن أن نسجل هذه الملاحظات. .

أولاً: أن هذا التكرار الوارد في سورة " الرحمن " هو أكثر صور التكرار

الوارد في القرآن على الإطلاق.

ثانياً: أنه - أي التكرار في هذا الموضع - قد مُهَّدَ له تمهيداً رائعاً.

حيث جاء بعد اثنتي عشرة آية متحدة الفواصل.

وقد تكررت في هذا التمهيد كلمة " الميزان " ثلاث مرات متتابعة دونما نبو أو ملل:

(وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (٧) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (٨) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (٩) .

وهذا التمهيد قد أشاع - كذلك - لحناً موسيقياً عذباً كان بمثابة مقدمة

طبيعية لتلاؤم صور التكرار ولتألفها النفس وتأنس بها فلا تهجم عليها هجوماً

لأن القرآن قد راعى في فواصل المقدمة التمهيدية ما انبنت عليه فواصل الآية

المكررة.

ثالثاً: أن الطابع الغالب على هذه السورة هو طابع تعداد النعَم على الثَقَلين:

الإنس والجن، وبعد كل نعمة أو نعَم يعددها الله تأتى هذه الَعبارة:

(فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>