للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[* الموضع الخامس عشر " رزق الآباء والأبناء ":]

(قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (١٥١) .

(وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (٣١) .

في الأنعام قدم رزق المخاطبين على رزق أولادهم المدلول عليه بعطف ضميرهم عليه، وفي الإسراء قدم رزق الأولاد على رزق المخاطبين.

فما السر إذن والمعنى في الموضعين واحد؟

الجواب: إن الخطاب في الأنعام مع قوم فقراء يهمهم رزقهم أولاً، ثم رزق

أولاد هم ثانياً فقدم رزقهم لأنه عندهم أهم.

وفي الإسراء الخطاب مع غير فقراء لكنهم يخشون وقوع الفقر في المستقبل

فتجوع أولادهم. فرزق أولادهم - لأنه مظنة القلة التوقعة - أهم عندهم من رزقهم لأنهم حاصلون عليه، فقدم رزق أولادهم على رزقهم لأنه أهم كما بيَّنا.

والدليل أن التعبير في الأولى هكذا: " من إملاق " أي فقر واقع فعلاً.

وفي الثانية: " خشية إملاق " أي فقر متوقع.

هذه لمحات دالة في الأسلوب تغنى عن كل تخريج. وهكذا تنص كتب

التفسير وكتب البلاغة فليس لنا في هذا الموضع سوى أمانة النقل.

أما رأى الخطيب الإسكافي فمثل ما قرره المفسرون.

* *

<<  <  ج: ص:  >  >>