بحال على ما هو محمود ومطلوب. ولذلك لم يأت مما شأنه كذلك إلا مع
القرينة القوية الصارفة عن كل وهم مثل قوله تعالى: (لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) وقوله: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥) .
* *
[* إيثار أحد اللفظين للمناسبة:]
ولعل من روائع اختيار القرآن لألفاظه ما ذكره ابن أبى الإصبع في قوله
تعالى: (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ)
فإنه سبحانه وتعالى لما نفى عن رسولَه وحبيبه - صلى الله عليه وسلم - كونه بالمكان الذي قضى له فيه بكلمة الأمر، عرَّف المكان بالجانب الغربي. ولم يصفه بـ " الأيمن " كما قال في أمر موسى عليه السلام: (وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِب الطُور الأيْمَنِ)
أدباً منه سبحانه وتعالى مع نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن ينفى عنه كونه بالجانب الأيمن.
فالمكان الذي نودى من منه موسى عليه السلام يمكن أن يدل عليه بوصفين:
كونه الجانب الأيمن، وكونه الجانب الغربي. فاَثر القرآن في الإخبار عن موسى
" الجانب الأيمن. " في تعريف المكان لأنه كان قاراً عليه. وفيه قضى إليه ربُّه
أمرَ الرسالة، ففى ذلك تشريف له.
وكان في خطاب محمد - صلى الله عليه وسلم - التعريف بالجانب الغربي لأنه لم يكن قاراً عليه والكلام مسوق لنفى الكينونة.
واستعمال الجانب الغربي دون الجانب الأيمن فى
حال نفى للكينونة أليق بمقام الرسول الكريم لخلوه من نفى كونه بالأيمن.
ففى العبارة أعجب احتراس كما يقول ابن أبى الإصبع "
* *