فإنه في آية " البقرة " قال: (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا) . .
فهنا طرفان: مخادعٍ - وهم المنافقون - ومَخادَع - وهم الذين آمنوا، فجاء
الفعل " يخادعون " من " خادع " المقتضى للمفاعلة بين طرفين.
وعندما بيَّن أن هذا الخداع غير مؤجه إلا إليهم أنفسهم جاء الفعل:
(وَمَا يَخْدَعُونَ إلا أنفُسَهُمْ) ، من " خدع " الثلاثى الذي لا مفاعلة فيه.
لأنه ليس هنا طرفان بل طرف واحد، وإن صح هذا فذلك من دقة التعبير فى
هذا الكتاب المعجز.
قال الراغب في: (وَهُوَ خَادعُهُمْ) : معناه مجازيهم بالخداع.
وقال سبحانه: (وَإن يُرِيدُواْ أن يَخْدَعُوكَ فَإنَّ حَسْبَكَ اللهُ. .) . .
والكلمة هنا ورادة على المعنى اللغوي لا مجاز فيها. .
وقال: " يخدعوك " دون "يخادعوك " لأن الله حسبه فهو ليس موضع مخادعة - أعنى محمداً - صلى الله عليه وسلم -
- فلم يكن للخداع طرفان فجيء به من فعل لا يقتضي المفاعلة، وهذا جار على المنهج الذي أبنَّاه آنفاً.
* * *
[* " النفاق ". . كلمة مدنية:]
والخلاصة: أن هذه المادة " خدع " لم يستعملها القرآن إلا في سياق الحديث
عن المنافقين.
فهى - إذن - كلمة مدنية لا عهد للقرآن بها في مكة، فالبقرة والنساء
والأنفال سور مدنية، وهي السور التي وردت فيها هذه المادة.