بل نستعرض مثلاً في مجال آخر، غير الأحكام والتشريع، وإن كان الشأن
فيه أن يسلك في بيانه المنهج التقريرى العقلي.
ذلك المجال هو: الجدل القرآني لخصوم الدعوة الإسلامية.
وموضوعات هذا الجدل متعددة لكننا نختار منها موضوعين اثنين لنرى كيف
جادلهم فيها القرآن، وأى منهج سلك.
وهذان الموضوعان هما: قضية التوحيد، وما يتعلق بها، ثم قضية البعث
ومايتعلق بها.
[* قضية التوحيد:]
جاء القرآن ينكر على المشركين ما هم فيه من عبادة الأصنام، وفكرة تعدد
الآلهة، وأن يكون هناك صلة بين الخالق الحقيقي المخصوص بالعبادة، وبين هذه الأصنام التي يتقربون بها - في زعمهم - إلى الله. كما حكى عنهم القرآن: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)
وكانت هذه هي القضية الأولى التي يواجهها الإسلام.
ولقد قطع القرآن - فى مكة - شوطاً كبيراً في محاربة هذا الضلال.
لافتاً الأنظار إلى الحقيقة.
ممثلاً وواعظاً، مجادلاً ومحاوراً، منذراً ومبشراً، مناقشاً وهادياً.
كان القوم يبررون ما هم عليه بحجج واهية تتلخص في:
١ - التقليد الأعمى لما وجدوا عليه آباءهم.
٢ - أن هذه الآلهة وسيلة للتقرب إلى الله.
٣ - أن فكرة وحدة الخالق أمر مستحدَث.
* *