[* الكافرون واستيقاد النار:]
(مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (١٧) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (١٨)
المفسرون على أن هذا المثل، والذي بعده بيان - معاً - لحال المنافقين، وقد
رأينا أن الدكتور محمد عبد الله دراز يجعل هذا المثل لبيان حال الكافرين،
والذي بعده لبيان حال المنافقين، على طريقة اللف والنشر المرتب. .
وقد جارينا الدكتور دراز في هذا التقسيم لسبب ذكره هو هناك. .
ولسبب آخر نذكره نحن.
وهو أن عرض القرآن لقصة الكافرين كان موجزاً إذ لم يتعد الآيتين -
كما سبق آنفاً - أما عرضه لقصة المنافقين فقد كان مفصلاً إذا ما قيس بقصة
الكافرين.
وهذان المثلان - كذلك - أولهما موجز بالقياس إلى ثانيهما، وهذا يمكن
الاستئناس به بل التمسك به عندما يقال إن المثل الأول وارد لبيان حال الكافرين.
وأياً كان الخلاف فإن هذا لا يؤثر على جوهر الموضوع. فلنأخذ في البيان:
" مثلهم ": أي قصتهم العجيبة الشأن.
ويرى الزمخشري أن المثل - هنا - مستعار استعارة الأسد للمقدام.
يريد بذلك الاستعارة التصريحية الأصلية
للحالة أو القصة أو الصفة إذا كان لها شأن أو فيها غرابة
كأنه قال: إن حالهم العجيبة الشأن كحال الذي استوقد ناراً.
وهذا التشبيه معقود بين صورة معقولة - وهي المشبه - وصورة محسوسة هى
المشبَّه به.
والفائدة فيها عائدة على المشبه شأن كل تشبيهات القرآن، ووجه
الشبه هو الحيرة والشك والتخبط. والتورط في الظلام.