كلتا العبارتين تدل على الألم والحسرة فهما - إذن - كنايتان عن صفة وقد
تفاوتتا في تصوير المعنى. لأن عض الأنامل دون عض الأيدي، وذلك التفاوت راجع إلى تفاوت المقامين.
فالمنافقون يتحسرون عندما يرون قوة المسلمين وظفرهم وتتابُع انتصارهم، وهم على ما هم عليه من النفاق لاحول لهم ولا قوة، وهذا خطأ يمكن إصلاحه بأن يؤمنوا ويتبعوا الهدى.
أما الظالم فحسرته أشد وألمه أوقع، لأنه يكون في وقت لم تبق فيه فرصة
لمستتيب ولا نفع لنادم.
ولهذا يمكن فهم المبالغة في الكناية الثانية بالعض على الأيدي دون الأنامل
فكل من العبارتين وقع موقعه من غير ما قصور أو فضول، وهذه سمة أيضاً
من سمات الإعجاز البياني في القرآن.
*
[* منهج فريد:]
خامساً: للمجاز في القرآن الكريم منهج لم يُعرف لسواه، فهو فضلاً عما
تقدم - نراه في بعض الصور يعمد إلى وصف له صلة بأمرين، وهذا الوصف من حيث صلته بالأمرين قائم بأحدهما وواقع على الآخر.