ومن هذا الاعتبار يتبين أن هذه المواضع مندرجة تحت النعَم، لأن النعمة
نوعان: إيصال الخير. ثم دفع الشر. والسورة اشتملت عَلى كلا النوعين.
فلذلك كررت الفاصلة.
* *
[* التكرار في " المرسلات ":]
بقى التكرار الوارد في سورة المرسلات. وقد صُنِعَ فيه ما صُنع في نظيريه
فى " القمر " و " الرحمن " من التقديم له بتمهيد. . وله - مثلهما - هدف
عام اقتضاه.
بَيْدَ أن التمهيد يختلف عما سبق في " القمر " و " الرحمن ". فقد رأينا
فيهما اتحاد الفاصلة في الحروف الأخيرة مع التزام نهج معيَّن فيما قبله.
أما هنا فإن الأمر يختلف.
فقد اشتمل التمهيد على مجموعتين من الآيات أولاهما لها فاصلة تختلف عن
ثانيتهما وهي: (وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (١) فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا (٢) وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا (٣) فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا (٤) فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا (٥) عُذْرًا أَوْ نُذْرًا (٦) .
وختمت هذه المجموعة بقفلة هي سر الجمال كله: (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (٧) .
ما قبلها مُقْسَم به. وهي جواب القَسَم.
والمقْسَم به متعدد كأجزاء الشرط إذا بدئت بها السور. وهي - كما تقدم - خصائص تعبيرية آسرة.
وبجواب القَسَم تنتهى هذه المجموعة - ثم تبدأ المجموعة الثانية وهي:
(فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨) وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (٩) وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (١٠) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥) .