الأولى: (ائْتُونِى بكَتَابِ مَن قَبْلِ هَذَا) هل في مقدوركم ذلك؟
ألا فافعلوا وإنا لمنتظرون.
أعجزتم؟ . . نحن نعذركم لأننا نعلم أنكم عاجزون.
فنخفف عنكم في كيفية الدليل، دعوا الكتاب. . . . حيث لم تأتوا ولن تأتوا به. . وأتوا بأيسر الأمرين.
الثانية: (أوْ أثَارَةٍ مًنْ عِلمٍ) أثارة أية أثارة من عدم تؤيدكم.
أهذه صعبة؟ صعبة كذلك - أم مستحيلة. . إنها مستحيلة.
أعجزتم عن هذه وتلك.
فاعلموا الآن أنكم كاذبون في دعواكم. .
لأنكم لم تشفعوها بدليل. فكفوا إذن ولا تسترسلوا في أباطيلكم. .
وضعوا نُصب أعينكم قول الشاعر:
والدَّعَاوِىَ مَا لمْ يُقِيمُواْ عَليْهَا. . . بَينَاتٍ أبْنَاؤُهَا أدْعِيَاءُ
هذه جولة حكيمة مفحمة.
لم يحاورهم القرآن فيها محاجياً أو ملغزاً، وإنما
حاورهم في وضوح، وفي سهولة. . اتخذ من الأرض ومن السماء وحدات
للقياس، وألزمهم الحُجة في نص لم تزد كلماته على التسع والعشرين كلمة. .
انتصر عليهم وتركهم منهزمين.
* *
[* نماذج أخرى فيها دلالة التوحيد:]
ثم تتوالى بعد الجولات على نفس الصورة من الوضوح والسهولة، ولفت
الأنظار إلى حقائق الكون، ومظاهر الطبيعة التي هي وحدات القياس الوجدانى
والنطق الروحي. بعيداً عن التعقيد والغموض.