الدُجَى " لكان أبلغ في المديح، لأن الضيف بالليل أكثر طروقاً.
وقلت:" يقطرن من نجدة دماً ". . . ولو قلتَ: " يجرين " لكان أكثر لانصباب الدم.
هذه الملاحظات تدل - وإن تطرق إليها الشك أحياناً - على إدراك العريى
لصقل الشعر ووقوفه على مواطن الجودة والجمال فيه.
وقد نقلت هذه الرواية أن زهيراً كان يقلب النظر في شِعره ينقحه ويهذبه حولاً كاملاً حتى سميت قصائده
بـ " الحوليات " وكان زهير هذا رائد مدرسة أدبية لها أتباعها والمعجبون بها. .
مثل ابنه كعب، والحطيئة وهدبة بن الحشرم العذرى. وعنه أخذها جميل بن
معمر، وعن جميل تلقاها كثير عزة.
وللعرب في الجاهلية أسواقهم المعروفة (عكاظ - وذو المجاز - وذو المجنة)
التي كان الشعر اء يعرضون فيها نتاجهم الأدبي ليقول النقاد فيه رأيهم. . فهى أشبه ما تكون بالمهرجانات الأدبية التي تُقام كل عام مرة في العصر الحديث.
بَيْدَ أن النقد عندهم كان يعتمد على اللمحة الخاطفة والبساطة والإيجاز،
ومرجعه في الغالب إلى الذوق وإلى معايير غير الذوق كالجوانب الثلاثة التى
عرضنا أمثلة لها آنفاً.
* * *
[* العصر الإسلامي:]
وفي العصر الإسلامى جدَّت ظاهرتان كان لهما أعظم الأثر في توجيه الأدب
وتهذيب الأساليب وتربية الذوق. وهما: القرآن الكريم، والآثار النبوية
الشريفة، فقد جاء القرآن حافلاً بصور البيان.
وضروب البديع. وجدة المعنى.
وقوة الأسلوب وجزالته ووضوح المعنى وطرافته.