الغيث يقال هنا على الأنباء إذا لم تُبْصَر بأنها عمياء. .
لأنها جزء ما لا يبصره القوم.
وأولى من هذا عندى أن يُقال إن في العبارة قلباً على حد قول الشاعر:
* وَلاَ يَكُ مَوْقِف مِنَ الوداعَا *
أما ما ذكره الراغب والزمخشري فلا يسلم من المآخذ كما رأينا.
وبعد هذا يمكن أن يقال: إن هاتين الآيتين " عَمَه " و " عمى "
في القرآن مادتا مجاز.
* * *
[* الاشتراء والضلالة:]
(أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (١٦) .
عبَّر عنهم باسم الإشارة الموضوع للبعيد.
إشارة إلى بُعدهم عن الحق الذى باعوه فكان في هذا التعبير براعة استهلال من أول مطلع،
و" الاشتراء " افتعال من الشراء.
وهو هنا مستعار من معناه اللغوي المعروف لاستبدالهم الضلالة بالهدى.
لأنه يفيد اختيارهم للضلالة على الهدى، والاستعارة فيه تصريحية تبعية
لجريانها في المشتق.
ولعل السر البلاغي الذي عدل من أجله عن أصل التعبير - الذي هو
الاستبدال - لأن المشترِي يكون راغباً في الشيء المشترَى. باذلاً للثمن فيه.
لأنه غير راغب فيه إذا قورن بما اشتراه.
هذا غرض. .
وغرصْ آخر: إن الشيء المشترَى ملازم لمن اشتراه.
أما الثمن المبذول فيه فمفارق له متى وقع البيع بين الطرفين صحيحاً.