وللآمدى باب خاص عقده " لا عيب من الاستعارة عند أبى تمام " ويورد
الآمدى بعض استعارات القرآن شارحاً لها وموضحاً أوجه الجمال فيها.
وبهذا القياس نفسه - قبح الاستعارة أو حسنها - يعيب قول أبى تمام:
يَا دَهَرْ قَوِّمْ مِنْ أخْدَعَيْكَ فَقَد. . . أضجَجْتَ هذا الأنامَ من خَرقِك
ويتساءل: أي ضرورة دعته للأخدعين؟ وكان يمكن أن يقول: من اعوجاجك، أو: قَوم من عوج صنعتك، أو: يا دهر أحسن بنا الصنيع، لأن الأخرق هو الذي لا يحسن العمل. .
وعاب - كذلك - قوله:
وَحُمِّلتُ مَا لوْ حُمِّلَ الدهْرُ شَطرَهُ. . . لفَكرَ دَهْراً أَىَّ عِبْئَيْهِ أثقَلُ
إذ جعل للدهر عقلاً، وجعله مفكراً في أي العبئين أثقل، وما معنى أبعد من
الصواب من هذه الاستعارة، وكان الأليق بهذا المعنى لما قال:
" وحملت ما لو حمل الدهر شطره " أن يقول: لتضعضح، أو لانهد، أو لأمن الناس صروفه ونوازله. ونحو هذا مما يعتمده أهل المعاني في البلاغة.
والموازنة في هذه الأمثلة بين معنى قيل وفيه خطأ ومعنى كان يجب أن يقال.
ويورد للبحترى بيتاً آخر وينقده. وهو قوله:
قِفْ العِيسَ قَدْ أدنَى خُطاهَا كَلاَلُها. . . وَسَلْ دَارَ سُعْدَى إنْ شَفَاكَ سُؤَالُها
يقول الآمدى: وهذا لفظ حسن ومعنى ليس بالجيد، لأنه قال: " أدنى
خطاها كلالها ". أي قارب من خطوها الكلال، وهذا كأنه لم يقف لسؤال
الديار التي تعرض لأن الوقوف يشفيه وإنما وقف لإعياء المطي.
والجيد قول عنترة:
فَوَقَفْتُ فِيهَا ناقَتِى وكَأنهَا. . . فَدِنٌ لأقْضِى حَاجَةً المتُلوِّمِ