وقوله تعالى: (أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (٥٣) .
وقوله تعالى: (عَليْهِ تَوكلتُ وَإلَيْهِ أُنِيبُ) .
قال بعد أن ذكرها: " فإن هذه جميعها لم تُقدم فيها الظروف للاختصاص
وإنما قُدمت لمراعاة الحُسن في نظم الكلام فاعرف ذلك ".
وقد وَهِمَ ابن الأثير في هذه النظرة التي لم يستطع أن يشفعها بدليل.
فهى - قطعاً - للاختصاص. . وذلك أمر يوحى به التعبير نفسه، ويؤكده المعنى المدلول عليه بهذا التعبير.
وإذا كان مقصوداً به النفي فيحسن فيه الأمران: التقديم والتأخير، ولكل
منهما موضعه.
فتقديمه في النفي مفيد للقصر - عنده - وهو كذلك عند غيره.
أما التأخير فلا يفيد سوى النفي المجرد. وعبارته في ذلك:
" فأما تقديمه في النفي فإنه يقصد به تفضيل النفي عنه على غيره، وأما تأخيره فإنه يقصد به النفي أصلاً من غير تفضيل ".
وظاهر أنه يريد بالتفضيل: القصر، وينفيه عدم القصر. وذكر للتأخير قوله
تعالى: (ذَلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ) وهذا حق.
أما التقديم فقد مثل له بقوله تعالى: (لاَ فيهَا غَولٌ) .
ثم قال: " فإنه إنما أخر الظرف في الأول لأن القصد من إيَلاء حرف النفي الريب نفى الريب عنه، وإثبات أنه حق وصدق. لا باطل وكذب. . ولو أولاه الظرف لقصد أن كتاباً آخر فيه الريب لا فيه، كما قصد في قوله تعالى: (لاَ فِيهَا غَولٌ) فتأخير الظرف يقتضي النفي أصلاً من غير تفضيل.
وتقديمه يقتضي تفضيل النفي عنه.