أتاح دخول التوكيد القسمى والتوكيد ب " النون " على الفعل وهذا يكشف لنا أن أمر سجن يوسف قد بدا لهم بداءً مؤكداً لا بديل له.
ولو وُضِع الاسم بدل الفعل لفاتت هذه الاعتبارات.
وقد عبَّر عن فساد القلوب بالختم عليها. وكذلك الأسماع.
أما الأبصار فحيث لم يهتدوا إلى الصواب عن طريقها وعموا عن الدلائل والآيات. فقد عبَّر عن هذا بالغشاء الذي يُجعل على الأبصار فيحجب عنها الرؤية الصحيحة.
يقول الزمخشري موجهاً ذلك: " فالختم والكتم أخوان. لأن في الاستيثاق
من الشيء بضرب الخاتم عليه. كتمانه وتغطيه لئلا يتوصل إليه ولا يطلع
عليه ".
" والغشاوة: الغطاء - فعالة من غشاة إذا غطاه - فإن قلت: ما معنى
الختم على القلوب والأسماع وتغشية الأبصار؟.
قلت: لا ختم ولا تغشية ثَمَّ على الحقيقة.
وإنما هو من باب المجاز. ويُحتمل أن يكون من كِلا نوعيه.
وهما الاستعارة والتمثيل ".
وحاصل كلامه أن لنا اعتبارين في تحليل هذا المجاز.
إما أن نعتبر الختم والتغشية كُلا منهما استعارة مفرد لفرد. على طريق
التصريحية التبعية في الختم والتصريحية الأصلية في التغشية.
وإما أن نعتبر الكلام كله. استعارة تمثيلية لهيئة بهيئة. وكلا المعنيين حسن.
وإن كان الذوق يميل إلى اعتبار المجاز المفرد فيها دون المركب.
وقد أبى الزمخشري إسناد الختم إلى " الله " على الحقيقة. متأثراً بمذهبه
الاعتزالى الذي لا يجيز إسناد أفعال القُبح إلى الله. ولذلك جعله من المجاز
العقلي. والفاعل الأصلى هو الشيطان، أما إسناده إلى " الله " فلأنه أقدر