ومن معايير جمال اللفظ عند ابن سنان ألا تكون الكلمة وحشية غير مألوفة
الاستعمال، وقد مثل لذلك بقول أبى تمام:
. . . . . . . . بِلاَ طائرٍ سَعْدٍ، وَلاَ طائرٍ كَهْلِ
إذ المراد بـ ((الكهل " هنا: الضخم، وليس هذا المعنى معروفاً لها.
وألا تكون الكلمة مبتذلة أي أخلقها الاستعمال. ومثل لها بقول ابن نباتة:
فَقَدْ رَفَعَتْ أبْصَارَهَا كُل بَلدَةٍ. . . من الشوْقِ حتى أوْجَعَتْهَا الأخَادعُ
فكلمة " أوجعتها " عامية مبتذلة.
وأن تكون الكلمة جارية على قواعد اللغة، وأن تكون قليلة الحروف، لذلك عاب قول ابن نباتة أيضاً:
فَإياكُمو أن تَكْشِفُوا عَنْ رِءُوسِكُمْ. . . ألاَ إن مغْنَاطيسَهُن الذوَائِبُ
لأن كلمة " مغناطيسهن " كثيرة الحروف.
ويورد معياراً آخر لجمال اللفظ: ألا تكون الكلمة عُثر بها عن معنى يُكره
ذكره، فإذا وردت غير مقصود بها ذلك المعنى قبحت. مثل كلمة " جنابة "
فى قول الشريف الرضى متغزلاً:
سَلاَمُ على الأطلاَلِ لاَ عَنْ جنابَةٍ. . . وَلكِن يأسَاً حِينَ لم يَبْق مَطمَعُ
وصفوة القول: إن اللفظ المفرد لا يكون جميلاً عند ابن سنان إلا إذا خلا من
ثمانية عيوب ذكرها ومثل لها. فكان بلاغياً ناقداً في آن واحد.
ويسوق قدامة بن جعفر نصاً يبين فيه مقوِّمات جمال الألفاظ فيقول:
" وأحسن البلاغة الترصيع، والسجع، واتساق البناء. واعتدال الوزن واشتقاق لفظ من لفظ وعكس ما نظم من بناء وتلخيصه بألفاظ مستعارة وإيراد